أكدت معالي السيدة فوزية بنت عبد الله زينل رئيسة مجلس النواب أن المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، مثل انفتاحاً على مرحلة تاريخية جديدة، منحت البحرين تجربة ديمقراطية تليق بالعمق الحضاري الذي تتمتع به، وتعكس تطلعات الشعب البحريني في دولة مدنيةٍ تقوم على أسس قانونية متينة، ومؤسسات رصينة ومعطاءة، ترتكز على دستورٍ عصري متقدم، وميثاقٍ وطني شكل قاعدة طموحات اجتمعت عليها إرادة الحكم الرشيد مع التطلعات الشعبية.
وأشارت معاليها إلى أن واقع العمل الوطني في مملكة البحرين، واستنارة بالرؤى الملكية السامية، قد جعل من مبدأ التوافق والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حول الموضوعات والقضايا المختلفة، نقطة التقاء جامعة، لتحقيق مصلحة الوطن وتطلعات المواطنين، وقد تلمسنا ثمار التعاون البرلماني مع الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، في الارتقاء بالمكتسبات الوطنية نحو أفق أرحب من الإنجاز والتطوير.
جاء ذلك خلال الندوة الحوارية التي عقدت صباح اليوم، بمناسبة اليوم الدولي للعمل البرلماني، وبمشاركة معالي السيد صقر غباش، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة رئيس الاتحاد البرلماني العربي، ومعالي الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، وسعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني وزير الخارجية، والسيد جمال محمد فخرو النائب الأول لرئيس مجلس الشورى، والنائب عبدالنبي سلمان أحمد النائب الأول لرئيسة مجلس النواب، وعدد من أعضاء مجلسي الشورى والنواب، وكبار المدعوين والإعلاميين.
وأوضحت معالي رئيسة مجلس النواب إن الاحتفاء بهذه المناسبة، يمثل استدعاء للدور المفصلي الذي تؤديه البرلمانات، في التعبير الحضاري عن الشعوب، والحفاظ على مصالحها ومقدراتها، من خلال الأدوار التشريعية والرقابية، وتوظيفها في الاستجابة لأهداف التنمية المستدامة، وتعزيز الحقوق الإنسانية، وصولاً للغايات الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار المجتمعي على كافة المستويات.
وأضافت معاليها أنه لم تكن ملامح التجربة الديمقراطية منفصلة عن الأبعاد التاريخية للمسيرة الوطنية المتجذرة، إنما تتصل بما نتج من إرادة شعبية، حين التف الشعب حول المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حين توليه الحكم عام (1869)، الأمر الذي أسس لاستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي كان بمثابة بوابة العبور نحو عصرٍ جديد للبحرين، وبداية مسيرة تابعها حكام آل خليفة الكرام تباعاً كابراً عن كابر، نحو آفاق أرحب من الإنجازات، حتى عشنا اليوم عصارة الجهودِ وبلغنا ثمرة الغايات في دولة المؤسسات والقانون بقيادة جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه.
وأشارت معاليها إلى إن ذلك الإرث الوطني يضعنا أمام مسؤولية حتمية، للبناء على ما أُحرزَ من منجزات وتعظيمها، عبر مواصلة العمل لرفد مشروع الإصلاح والتحديث الشامل، وفقا لتقاليد العمل الديمقراطي، والتي أرسيت بناء على الإيمان بالرأي والرأي الآخر، والحريات المسؤولة، والشفافية والتعددية، والاعتدال واحترام حقوق الإنسان، وارتبطت بالتمكين السياسي والمشاركة الفاعلة للشعب في صنع القرار، من خلال مجلس النواب الذي يمثل إرادة الأمة، وسبيلها للمشاركة في إدارة شؤون الدولة، إذ يشكل ذلك عماد المملكة الدستورية.
كما وأشارت معاليها إلى تمكن مملكة البحرين من تجاوز التحديات الطارئة بسببِ تفشي جائحة كورونا، وتحقيق استجابة برلمانية سريعة في التصدي للوباء، والعمل مع الحكومة لسلامة المواطنين والمقيمين في توظيف كافة الإمكانات للارتقاء بالمنظومة الصحية المتكاملة، وإقرار تشريعات أسهمت في تحقيق الاستقرار للمجتمع وللقطاعات كافة، من خلال دفع رواتب المواطنين في القطاع الخاص لأشهر عديدة، وإطلاق حزمِ دعم اقتصادية للشركات والمؤسسات الخاصة، والإعفاء من الرسوم الحكومية، ورفع مقترحات برلمانية ساهمت في تطبيق التعليم عن بُعد، وتعزيز الخدمات الإلكترونية الحكومية، ودعم الإجراءات التقنية للسلطة القضائية، من خلال سن تشريع يكفل التحول الرقمي في إجراءات التحقيق والمحاكمة عن بُعد، بما يسهل ويسرع عملية التقاضي.
وأوضحت أنه لم تكن الإشادة التي تلقاها مجلس النواب من قبل الاتحاد البرلماني الدولي، إلا انعكاسا لحجم الجهود التي بذلت في تحقيق الأهداف المنشودة من العمل البرلماني، حيث أقر المجلس أكثر من 118 موضوعاً تتعلق بالتعامل مع تداعيات الجائحة – من بين 935 موضوعاً استعرضها خلال دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الحالي – وترمي لاستقرار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، ورعاية حقوق الإنسان، فيما تجاوزت البرامج التدريبية والتطويرية والورش والمحاضرات ما يصل لـ 180 برنامجاً خلال عامٍ واحد، ليسدل الستار عن واحدة من أغنى مراحل العطاء البرلماني والتشريعي، ولتضاف للسجل الحافل بالإنجازات الوطنية، وتوثق مرحلة استثنائية اتسمت بالعمل على تحويل التحديات إلى فرص ومكتسبات.
وأكدت معاليها سعي مجلس النواب لخلق فرص وأساليب جديدة لممارسة العمل البرلماني، وتضمينها لخطط واستراتيجيات مجلس النواب، وتسخيرها منهجا صالحا للتطبيق حتى بعد الجائحة، وهي ثمرة جهود متميزة أنتجتها الكفاءات الوطنية في الأمانة العامة للمجلس، واستحقت معها الحصول على شهادة الآيزو في الجودة، حيث أسهمت في دعم جهود ومساعي النواب، سواء ضمن مسار عملهم التشريعي والرقابي، أو من خلال دورهم في إطار الدبلوماسية البرلمانية، والتي شهدتْ تصاعدا متسارعاً في عقد الاجتماعات واللقاءات مع الاتحادات والبرلمانات الخليجية والعربية والإقليمية والدولية، وتفعيل لجان الصداقة البرلمانية التي تجمع المجلس في مدار عملي ثنائي مع 43 جهةٍ تمثل برلمانات واتحادات الدول الشقيقة والصديقة.
وأعربت عن بالغ التقدير والثناء للدور الذي يقوم به الاتحاد البرلماني العربي برئاسة معالي الأخ صقر غباش، في مساندة الجهود النيابية الوطنية في مجال الدبلوماسية البرلمانية، حيث نشهدُ حراكاً متنامياً في إبراز التعاون والتنسيق بشأن القضايا والموضوعات التي تمس العالم العربي في مختلف المحافل البرلمانية والإقليمية والدولية، وجهداً متعاظماً في تعزيز التعاون البرلماني العربي المشترك.
وعلى ذات الصعيد أشارت معاليها إلى أن التقدم في مسيرة العمل التشريعي، يرتبط بسلسلة من التجارب، وتراكمات الجهود البرلمانية، وإن ما بلغته النهضة التشريعية من تقدمٍ، نتجَ عن الجهود التي بدأها الرعيل الأول من البرلمانيين في الدولة الحديثة لمملكة البحرين، ومن خلال مساعٍ حثيثة، وأدوار رائدة قامت بها المجالس النيابية في الفصول التشريعية السابقة، برئاسة معالي السيد خليفة بن أحمد الظهراني، ومعالي السيد أحمد بن إبراهيم الملا، وتكاملت في ظل التعاون الوثيق، والعمل بروح الفريق الواحد بين مجلسي الشورى والنواب، حتى خلصتْ لنهضة رفيعة، وثقها “كتاب النهضة التشريعية في مملكة البحرين خلال عشرين عاما” الذي أصدره فريق العمل في الإدارة العامة للشؤون القانونية والسياسية في الديوان الملكي بمتابعة كريمة من معالي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الديوان الملكي.
وأوضحت معاليها إن المتغيرات والتحولات المتسارعة، تحتم العمل على تحقيق مزيد من التقارب، وتعزيز العمل المشترك، والتعاون والتنسيق، وبناء استراتيجيات وخطط استشرافية، تلبي متطلبات الظروف الراهنة، والتوقعات المستقبلية، وأن تتضافر جهودنا كمجالس تشريعية واتحادات برلمانية وحكومات، بالعمل على طرح التحديات التي فرضتها المرحلة الحالية، على طاولة التداول والحوار، والسعي لوضع آليات عمل فعالة تمكن دولنا من مواصلة التقدم التنموي، وترسيخ الاقتصاد الحر، وتحسين الاستقرار المعيشي للمواطنين.
وأعربت عن بالغ الشكر والامتنان لشركاء العمل والنجاح من مراكز ومعاهد وبيوت خبرة، والتقدير لكافة المؤسسات الإعلامية، والصحفيين وكتاب الرأي، والمنصات الإخبارية ذات الطرح المسؤول والمتزن في وسائل التواصل الاجتماعي، على دورهم الهام في دعم العمل البرلماني، وتغطية أعمال المجلس ولجانه وأنشطة الأمانة العامة، وممارسة النقد المسؤول، وتعزيز الثقافة البرلمانية، وتنوير الرأي العام.