طرح دراسة لإعادة النظر في التطوير التشريعي لـ “قانون التنفيذ” .. الباحث نواف كمال:
ضرورة إطلاق برنامج مماثل للعقوبات البديلة يساهم في حلحلة مديونيات المواطنين في المحاكم البحرينية
الغرامة التهديدية لا تساهم في معالجة ملفات التنفيذ العالقة بسبب العجز عن الدفع
إعادة النظر في المواد القانونية للمنفذ الخاص والوسيط الجنائي لتعارض المصالح
دراسة ارتباط التفويض التشريعي مع قانون التنفيذ لضمان عدم التعارض
البحرين من الدول التي تملك تاريخاً عريقاً في مجال القضاء
مقترح لتوفير مواعيد مع قاضي التنفيذ عبر الاتصال المرئي بمواعيد مسبقة
القضاة لديهم القدرة على تلمس مدى عجز “المديون” بخلاف المنفذ الخاص
قال الباحث السياسي نواف كمال إن دستور مملكة البحرين أتاح تطوير التشريعات من خلال السلطة التشريعية مما يعد من الجوانب الهامة في النهوض بقوانين مملكة البحرين بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن، مقترحاً بعض التعديلات على قانون التنفيذ بحيث تساهم في معالجة ملفات التنفيذ العالقة بسبب التعثر المادي لطرف القضية، وربط الحلول ببرنامج جديد شبيه بقانون العقوبات البديلة بحيث يتم توظيف المتعثر وفق حالات واشتراطات محددة في وظائف تتعلق بزيادة الإنتاج للسلع والمواد التي يتم تصديرها من مملكة البحرين إلى دول العالم وفيها خطوط إنتاج كبيرة، وذلك بالتنسيق بين عدداً من الهيئات والجهات الحكومية، وذلك لتجنيب المتعثر في الدفع ما يترتب على “المنفذ الخاص” وصلاحياته، وكذلك الغرامة التهديدية وحجز المنقولات وأثرها عليه.
الدعم الملكي للقضاء
وأشاد نواف كمال بما تبذله السلطة القضائية من جهود كبيرة، إذ تعتبر البحرين من الدول التي تملك تاريخاً عريقاً في مجال القضاء وقد تحققت انجازات رائدة بفضل الاهتمام اللا محدود من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وترسيخ استقلاله ودعم السلطة القضائية وتوفير الكوادر المؤهلة لها لتعزيز مبادئ العدل والمساواة والحفاظ على الحقوق والحريات وتعزيز أمن المجتمع واستقراره، لافتاً إلى إن المجلس الأعلى للقضاء يقوم بدور كبير في أداء مسؤوليتهم ومهامهم الوطنية مما يعد أساساً للنهضة التنموية الشاملة لمملكة البحرين.
حرية الرأي والبحث العلمي
ومن منطلق حرص المجلس الأعلى للقضاء في سرعة الفصل في القضاء فقد قدم الباحث نواف كمال عدداً من المقترحات والملاحظات كي تساهم في تطوير قانون التنفيذ وتحقق الأهداف المرجوة منه والذي يأتي كثمرة عمل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، مشيداً بمستوى الحرية وإتاحة المجال للبحث العلمي في مملكة البحرين واهتمام الجهات المعنية بما يتم طرحه من دراسات وبحوث إذ نصت المادة الدستورية (23) بإن” حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبـير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يـبـينها القانون، مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية”.
إعادة النظر في مواد بقانون التنفيذ
وحول تفاصيل المقترح فقد أشار إلى إن:”المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2021 بإصدار قانون التنفيذ في المواد المدنية والتجارية تتضمن عدداً من المواد التي يمكن إعادة النظر فيها لمنع تعثر إجراءات التنفيذ والسعي نحو استحصال أموال المنفذ لهم ومن ضمنها المادة (6) وما بعدها المتعلقة بالمنفذ الخاص حيث أثبت الواقع العملي وجود ملاحظات في التطبيق والتي من ضمنها تعارض المصالح حيث أن المنفذ الخاص في الأساس يعمل محامياً ومن هنا يظهر التعارض حيث أن المنفذ الخاص يمكن له أن ينحاز لأحد طرفي التنفيذ دون الطرف الآخر خاصة إذا كان التنفيذ يتعارض مع مصالح المنفذ الخاص، وقيام المنفذ الخاص باتخاذ إجراءات التنفيذ يترتب عليه إلغاء روح القانون التي تظهر جلياً خلال عرض الموضوع على قاضي التنفيذ وتقديره للإجراءات المتخذة سواء لصالح المنفذ له أو ضد المنفذ ضده وهو الأمر الذي يدفع نحو إلغاء المنفذ الخاص من إجراءات التنفيذ وجعل قاضي التنفيذ هو المسئول المباشر في اتخاذ الإجراءات منعاً لعدم الحيادية لدى المنفذ الخاص”.
الوسيط الجنائي وتعارض المصالح
وفي نفس الإطار فقد ذكر الباحث نواف كمال إن الوساطة الجنائية وبالرغم من الجهود الجبارة المبذولة من النيابة العامة والسلطة القضائية فيمكن إعادة النظر في مسألة التصالح بين المتقاضين من خلال دور الوسيط الجنائي وما قد يترتب عليه من تعارض المصالح كون الوسيط محامي ومن الوارد تعارض مصالحه مع مصالح أحد الخصوم وهو الأمر الذي يوجب إلغاء الوسيط الجنائي منعاً لانحياز أحد الأطراف وذلك تحقيقاً للعدالة.
وفيما يتعلق بإجراءات الحجز في قانون التنفيذ فقد قال:” إن اتخاذ إجراءات الحجز على منقولات المنفذ ضده المتعلقة بمسكن المنفذ ضده سوف يترتب عليه العديد من الأضرار بأسرته حيث يؤدي الإجراء إلى تشتت الأسرة وضياعها ويعارض المادة (5) من الدستور البحريني على أن “الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانـها الشرعي، ويقوي أواصرها وقيمها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة، ويرعى النشء، ويحميه من الاستغلال، ويقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي”، مما يؤكد على أحقية الأسرة في المسكن والملبس والمشرب ومن هذا المنطلق فيتطلب الوضع معالجة لإجراء الحجز على المنقولات”.
مقابلات إلكترونية مع قاضي التنفيذ
وقد أشار الباحث إلى إنه من ضمن المشاكل العالقة التي تواجه طرفي التقاضي سواء المنفذ له أو المنفذ ضده هو عدم قدرتهم على مقابلة قاضي التنفيذ مباشرة نظراً لكثرة ملفات التنفيذ والأعباء الواقعة على قضاة المحاكم التنفيذية إلا أن تلك المشكلة يوجد لها حل من خلال ترتيب مقابلات إلكترونية محددة الموعد مسبقاً بين المتقاضين وقاضي التنفيذ يتم من خلالها مناقشة وبحث الموضوع المتعلق بالتنفيذ أو الإجراءات المتخذة ومن مزايا ذلك الإجراء توفير الوقت والجهد وإمكانية المتقاضين للوصول إلى قضاة التنفيذ وشرح وجهة نظرهم مباشرة لقاضي التنفيذ.
الغرامة التهديدية لا تحل مشكلة المديونية
كذلك أكد الباحث السياسي أن (المادة 25) المتعلقة بالغرامة التهديدية التي توقع على المنفذ ضده حيث تبين من خلال التطبيق العملي لها عدم جدوى حث المنفذ ضده على السداد خاصة أن الغرامة التهديدية لا تؤدي إلى سداد المبلغ الأساسي للمنفذ له ولا تقلل من الدين على المنفذ ضده وبالتالي أصبحت تمثل ثقل على كاهل المنفذ ضده وتضع موانع للوفاء بسداد المديونية كما إن حددت 10 أيام في حال عدم السداد بعدها يصبح المنفذ ضده ممتنعاً عن السداد ولا يوجد فرق أمام المادة القانونية بين المتعسر في الدفع والمتعمد بعدم الدفع، ومن بين هذه الملفات العالقة في التنفيذ المتضررون من جائحة كورونا وخسارتهم المادية الكبيرة التي تتطلب إعادة النظر في المادة بحيث تكون أكثر فعالية في التنفيذ أو إلغاؤها في حال عدم الجدوى منها بناء على الواقع العملي.
حجز الحسابات البنكية
وأضاف:”المبلغ الذي يتم الحجز عليه في الحسابات البنكية للمنفذ ضده ما يزيد عن 400 دينار وهو أمر يعرض أسرة المنفذ ضده إلى العديد من الأضرار حيث ان لا يكفي للمتطلبات المعيشية وهو الأمر الذي يدعو لإيجاد حلول بديلة تساعد المنفذ ضده على السداد وتساهم في تحصيل المنفذ له لأمواله العالقة بملف التنفيذ”.
وحول المقترح الذي طرحه الباحث نواف كمال بما يشبه برنامج العقوبات البديلة فقد ذكر:”يهدف تطبيق البرنامج الجديد في إطاره المدني إلى استثمار الطاقة البشرية من خلال المنفذ ضدهم في قانون التنفيذ بتوفير فرص عمل لهم أو حتى لمن يملكون وظائف من خلال نظام النوبات والتركيز على الجانب الصناعي مقابل أجر شهري يستقطع جزء منه لصالح صندوق المشروع لتسوية ملفات التنفيذ وتوفير جزء من الأجر الشهري للمنفذ ضده في حال كان عاطلاً عن العمل لتوفير المتطلبات المعيشية ومن مزايا الإجراءات الجديدة بين كافة الهيئات والوزارات الحكومية منها وزارات العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، الداخلية، المالية والاقتصاد الوطني، الصناعة والتجارة، العمل، وهيئة تنظيم سوق العمل من خلال قانون التفويض التشريعي.
الاستثمار الموارد البشرية
وأضاف:” استثمار الموارد البشرية سوف يساهم بشكل كبير في زيادة الخطوط الإنتاجية بمملكة البحرين وبالتالي زيادة العائدات وذلك من خلال زيادة الإنتاج والصادرات وبالتالي حدوث طفرة في النمو الاقتصادي لمملكة البحرين، ومن جهة اخرى فإن الدولة هي المسئول الاول عن المواطن وبالتالي تعتبر ملفات التنفيذ ثقل على كاهل، ويمكن الاستفادة من مخرجات
المشروع إنشاء صندوق استثماري كفيل بسداد ملفات التنفيذ للمنفذ ضدهم المعسرين فعلياً وذلك بعد دراسة كل حالة على حدة ومدى توافر الشروط التي تسمح لهم بالاستفادة من الصندوق الاستثماري”.
نجو جهود دبلوماسية لاستحصال مديونيات خارج البحرين
وفي سياق متصل قال نواف كمال إلى إن إجراءات المنع من السفر تحتاج لإعادة نظر إذ يترتب عليها خسارة المنفذ له لرسوم المنع من السفر التي يدفعها لإصدار قرار المنع من السفر ضد المنفذ ضده خاصة أنه طبقاً لنص المادة (40) من قانون التنفيذ ونصها “لقاضي محكمة التنفيذ بناءً على طلب المنفذ له أن يصدر أمراً بمنعه من السفر لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة، وبحد أقصى ثلاث مرات ” أي انه في حال عدم التزام المنفذ ضده بالسداد خلال فترة المنع من السفر فأن هذا الإجراء ليس له اي قيمة ولا يترتب عليه سوى خسارة المنفذ له للعديد من الأموال خلاف مبلغ التنفيذ خاصة أن منع المواطن أو المقيم من السفر يتعارض مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحرية التنقل وهو الأمر الذي يوجب إلغاء تلك المادة مع ضرورة التنسيق من خلال الجهود الدبلوماسية لاستحصال مبالغ التنفيذ ممن هم خارج البحرين “.
التفويض التشريعي
وختم الباحث نواف كامل بالإشارة إلى المادة (32) من القانون الدستوري لمملكة البحرين المتعلق بالتفويض التشريعي ونصها ” يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطـات التـشريعية والتـنفيذية والقضائيـة مع تعاونـها وفقاً لأحكام هذا الدستور، ولا يجـوز لأي من السلطات الثلاث التـنازل لغيرها عن كل أو بعض اختصاصاتـها المنصوص عليها في هذا الدستور، وإنما يجوز التـفويض التـشريعي المحدد بفترة معينة وبموضوع أو موضوعات بالذات، ويمارس وفقا لقانون التـفويض وشروطه”، وتعارض النص مع تطبيق قانون التنفيذ حيث إن التفويض التشريعي هو إنابة من السلطة التشريعية إلى السلطة التنفيذية بالقيام بموضوعات محددة وخلال فترة معينة، فعليه يجب أخذ هذا الأمر في عين الاعتبار.