نظم مركز عيسى الثقافي ندوة فكرية بعنوان “الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة والتاريخ”، بالتزامن مع اجتماع الأمانة العامة لمراكز الوثائق والدراسات بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بحضور معالي السيد علي صالح الصالح رئيس مجلس الشورى، ومعالي الفريق طبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للصحة، ومعالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار، وأعضاء الأمانة العامة وعدد من كبار المسؤولين بالمملكة.
وافتتح الندوة معالي د. فهد السماري الأمين العام لمراكز الوثائق والدراسات الخليجية أمين عام دارة الملك عبدالعزيز بالرياض، حيث تطرق في كلمته إلى جهود المغفور له بإذن الله سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، ولدوره في تأسيس الأمانة العامة لمراكز الوثائق والدراسات في مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ انطلاقتها في عام 1976، وتوليه لشؤونها منذ عام 1985 إلى عام 2005، وهي الفترة التي كانت فيها مملكة البحرين مقرًا للأمانة، ليتوج هذا الارتباط بتولي سموه للرئاسة الفخرية للأمانة حتى وفاته -يرحمه الله-، كما أشاد بإنجازات سموه الثقافية، والتاريخية، والعلمية، ومواقفه الشخصية على المستوى الإنساني خلال فترة رئاسته للأمانة.
من جانبها، استذكرت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار خلال كلمتها مواقف المغفور له بإذن الله التي شهدتها خلال مسيرتها الثقافية والعلمية، وذكرت أنه شمل برعايته أول كتاب أصدرته معاليها وكان في العام 1993، إذ ذكرت تبنيه للملف العلمي والثقافي وما ينتج عنه على الساحة لحبه للثقافة ومسؤوليته تجاه.
من جانبه، أكد الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي أن منطلقات اختصاصات المركز قائمة على اهتمام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى بدراسة التاريخ والوثائق، مقتبساً كلمة جلالته في افتتاحية العدد الأول من مجلة الوثيقة الصادر في يوليو من عام 1982م، “إذا كانت الحضارة هي ابنة التاريخ فإن التاريخ هو سجل الحضارة وكتابها وديوانها”.
وقال في كلمته إن هذه الندوة “جاءت وليدة قرار نبيل صادر عن اجتماع الأمانة العامة المنعقد عام 2019 بالرياض، وتوثق جهود رجلٍ استطاع أن يُقدِّمَ لتاريخنا وثقافتنا الوطنية الكثير”، مشيراً إلى أنه كانت هناك صلة تربط بين المغفور له بإذن الله تعالى سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة وبين التاريخ والثقافة لم تنقطع، وتجسدت فيما قدَّمَهُ من نتاجات علمية كانت لها طبيعة مرجعيةٌ، خصوصا في التأريخ للبحرين ومنطقة الخليج العربي، كما كان لها فضلٌ كبير في تعزيز البنية التحتية المعرفية.
وأضاف أن الشيخ عبدالله رحمه الله كان حريصاً على دعم وتشجيع جهود التأريخ والتوثيق من جهة، والنهل العلمي والمعرفي من جهة أخرى، مستذكراً بأنه رحمه الله أول من دعاه للمشاركة في مؤتمر (البحرين عبر التاريخ) عام 1983.
وقدم المتحدث الرئيسي الشيخ راشد بن عيسى آل خليفة مدير مركز الوثائق التاريخية بمركز عيسى الثقافي ورقته التي مهدت لموضوع الندوة، وتناولت سيرة سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رحمه الله.
واستذكر الشيخ راشد العديد من المواقف والأحداث التي كان للشيخ عبدالله حضور مؤثر فيها، إلى جانب الإنجازات التي قدمها الشيخ عبدالله والمناصب التي تولاها خلال فترة كل حاكم من حكام البحرين الكرام.
واستهلت الجلسة الأولى بورقة قدمها الدكتور منصور سرحان مدير المكتبة الوطنية بمركز عيسى الثقافي، ذكر فيها اهتمامات الشيخ عبدالله بتأسيس المكتبات للتشجيع على البحث والقراءة والثقافة ونشر العلم والمعرفة، كالمكتبة الخليفية عام 1954، ومكتبة مركز الوثائق التاريخية، والمكتبة الوطنية بمركز عيسى الثقافي، كما استعرض مؤلفات سموه رحمه الله المرجعية ومراجعته وإشرافه على مجموعات من الكتب التاريخية التي ألفها بحرينيون، واهتمام الشيخ عبدالله بجمع الوثائق واتاحتها، مشيرا إلى تدشين سموه أرشيف الصحافة الوطنية البحرينية في 2012م الذي تضمن نسخ الصحف الصادرة في البحرين منذ عام 1939.
وقدمت فاطمة المنصوري، مديرة مركز زايد للدراسات والبحوث (نادي تراث الإمارات) الورقة الثانية استعرضت اهتمام سمو الشيخ عبدالله بن خالد بالكتابة التاريخية حول منطقة الخليج.
وأكدت فاطمة المنصوري في ورقتها على جهود الشيخ عبدالله في رصد الوثائق في جميع الأرشيفات العربية والإقليمية والدولية، بالخصوص أرشيف الاتحاد السوفيتي، موضحةً بأنه رحمه الله رعى تنظيم ندوة حول ” العلاقات التاريخية بين روسيا ودول مجلس التعاون”، في يناير في عام 1997 بمشاركة 15 مؤرخاً ومستشرقاً روسياً، إلى جانب العديد من الوثائق المتعلقة بالأرشيف الروسي.
وتناولت الجلسة الثانية مداولات أكاديمية حول منهج وفكر سمو الشيخ عبدالله بن خالد رحمه الله، حيث تناولت ورقة الدكتور سعيد الهاشمي، أستاذ التاريخ في جامعة قابوس العمانية، دراسة في فكر ومنهج سموه من خلال تحليل مضمون “مجلة الوثيقة”، وأوضح أن كتابات سموه في التاريخ لها تأثير واضح على الوسط الثقافي والعلمي المحلي والخليجي، مشيراً إلى أن نبوغ وذكاء الشيخ عبد الله في نشأته كان عاملا مهما في تشكيل شخصيته.
بعدها، قدم الدكتور طلال الطريفي ورقة حول السياق التاريخي لدى الشيخ عبدالله آل خليفة وارتباطه بالوعي، أبرزت اهتمام الشيخ عبدالله بالتاريخ والسياق التاريخي وطموحاته في العرض التاريخي، وأوضحت أن الشيخ عبدالله سار وفق منهج واضح في مجمل كتاباته الثقافية مبنية على حبه للتاريخ.
وأكد الدكتور طلال الطريفي في ورقته أن اسم الشيخ عبدالله يعتبر الأبرز في المراجع التاريخية الحديثة في البحرين بحكم معاصرته للأحداث، كما تتسم كتاباته بالمصدرية والمرجعية، ويعتبر التاريخ هماً رافقه عمراً طويلاً.
وتضمنت الندوة معرضاً مصاحباً احتوى على أبرز صور واقتباسات مصورة لسمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رحمه الله في مجالات التاريخ والأدب والشعر والثقافة.