مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية الشقيقة، موطن بطولات ومهد حضارات ما تزال آثارها شامخة تشهد على عظمة بلدين وشعبين شقيقين تحديا كل الصعاب، وظلا صامدين في وجه الزمن وتقلباته، ليشكلا عبر التعاون والتضامن ووحدة الصف مرساة أمان للمنطقة؛ البحرين القلب النابض، بتاريخها وموقعها الجغرافي وتراثها الإنساني، ومصر العمق الاستراتيجي وبيت العرب وقوته.
وتتسم العلاقات البحرينية المصرية بقوتها وصلابتها، وتعززت ونمت في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه وأخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، انطلاقًا من دور البلدين الشقيقين المحوري في المنطقة؛ يضاف لها صفحات مضيئة وفصول راسخة من التواصل والتكامل لتتجه بوصلة العلاقات دائما نحو آفاق أرحب لتُثبت متانة العلاقات البحرينية المصرية وما تستند إليه من إرث ثري وقواعد صلبة وإرادة سياسية قوية حيث تحظى مصر بمكانة متميزة لدى جلالة الملك المعظم ومملكة البحرين حكومةً وشعبًا إذ تحفظ الذاكرة البحرينية التاريخية متانة هذه العلاقات في مختلف المجالات كما عبر عن ذلك جلالة الملك المعظم: “يسرنا بداية أن ننقل تحيات ومشاعر المحبة والتقدير التي يكنها أهل البحرين لمصر الشقيقة التي ستبقى في الذاكرة والوجدان منبعا للثقافة والعلم والفكر الذي لم ينقطع سيله منذ بعثات أهل مصر الأولى للبحرين”.
وتأكيد جلالته :”مصر تمثل امتدادنا القومي الذي نعتز بريادته ونشاركه الكثير من التجارب، وفي مقدمتها حماية المقدرات الوطنية في إطار من سعة الأفق والعيش المشترك القائم على نبذ العنف والكراهية والطائفية واحترام حسن الجوار والسعي إلى إحلال السلام”.
هذه العلاقات والتعاون والتنسيق المشترك الذي يترجم بشكل واقعي في الزيارات المتبادلة بين البلدين الشقيقين على كافة المستويات، ومملكة البحرين بقيادة جلالة الملك المعظم تقف دائما إلى جانب مصر الشقيقة وهو ما عبر عنه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي لدى زيارة جلالة الملك المعظم لمصر:
“إن زيارتكم اليوم تؤكد مدى خصوصية العلاقات الثنائية فمصر ستظل دائما لمملكة البحرين الشقيقة ولقيادتها ولشعبها مواقفها الثابتة والداعمة لإرادة الشعب المصري ولن ينسى شعب مصر زيارة جلالتكم كأول زعيم خليجي لمصر في أعقاب الثلاثين من يونيو ودلالة هذه الزيارة التي حملت أصدق معاني النبل والوفاء، ولقد جسدت زياراتكم إلى بلدكم مصر معانٍ سامية ونبلا أصيلا لمدى ما تحملونه لأرض الكنانة من إعزاز ومودة”.
بمواقف عروبية نبيلة تحسب لمملكة البحرين وجمهورية مصر العربية الشقيقة بلغت العلاقات البحرينية المصرية أسمى مراتب التضامن والاحترام والتقدير المتبادل حتى غدت العلاقات بين البلدين من النماذج الفريدة التي يشار إليها بالبنان في المنطقة، وتقديرًا للعلاقات التاريخية الوطيدة، بالإضافة إلى المواقف النبيلة التي اتخذها جلالة الملك المعظم إزاء مصر، قام فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي في أبريل عام 2016م بمنح حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد أيده الله “قلادة النيل” التي تعد أرفع وسام مصري، وفي مايو 2017م منح عاهل البلاد المعظم الرئيس السيسي “وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة” وهو أرفع وسام بحريني تقديرًا وامتنانًا لمساندة مصر الدائمة للبحرين.
في ذاكرة العلاقات يقف البلدان بكل ثقلهما دائمًا إلى جانب بعضهما البعض في جميع المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، فالعلاقات التاريخية الوثيقة التي تجمع مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية تستند إلى الوعي والفهم المشترك لطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية، التي شهدتها وتشهدها المنطقة، وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة، ترسخ الأمن العربي والإقليمي، وتحافظ على استدامة التنمية في دولها، فالعلاقات التي تجمع البلدين تشهد تماسكا عسكريًا رفيعًا يتمثل في المشاركة في افتتاح الصروح العسكرية وفي التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة، كما يسجل التاريخ لمملكة البحرين مساندتها لجمهورية مصر العربية الدائمة، كما لن ينسى تفاعل شعب البحرين وتضامنه مع الشعب المصري في مختلف الظروف والمواقف.
كما كانت جمهورية مصر العربية سباقة دائمًا بإعلان الدعم لمملكة البحرين طوال تاريخها، مـؤكدة ضرورة احترام الجميع لسيادة البحرين وعروبتها وعدم التدخل في شأنها الداخلي وهو ما يسجله فخامة الرئيس المصري دائمًا موقفا صريحًا عبر زياراته ولقاءاته مع جلالة الملك المعظم.
ولعل استثمار اللغة الدبلوماسية التي دأب الطرفان على استخدامها، يضاف لها ما يحظى به البلدان من حضور ومكانة دولية خاصة مع ما تتميز به سياستهما من توجهات حكيمة معتدلة ومواقف واضحة في مواجهة التحديات الإقليمية المرتبطة بإرساء السلام، ودعم جهود استقرار المنطقة، ومكافحة التطرف والإرهاب، وتعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات، كانت جميعها عوامل مهمة وناجحة في معالجة قضايا المنطقة.
ازدياد قوة العلاقات الثنائية بين البلدين وتوثق عراها من يوم إلى آخر أدى إلى ازدياد التعاون بينهما في جميع المجالات، خاصة على الجانب الاقتصادي حيث شهدت العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية الشقيقة أشكالا متعددة ومتنوعة في جميع أوجه النشاطات التجارية والاستثمارية والتنموية والسياحية، وتحتل البحرين المرتبة الـ 16 في قائمة الدول المستثمرة بالسوق المصري، كما تشهد حركة التبادل التجاري بين البلدين نموًا متزايدًا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الـ 7 أشهر الأولى من العام 2021 نحو 552 مليون دولار، وتتضمن أهم بنود التبادل التجاري الخضروات والفاكهة والأجهزة الكهربائية والحديد والصلب والألومنيوم والبلاستيك، كما ارتفعت صادرات البحرين لمصر إلى 224 مليون دولار.
وتشكل الجوانب الثقافية أحد الأعمدة القوية للعلاقات البحرينية المصرية، ولا شك أن القبول البحريني المصري بما تحمله ثقافة البلدين من مضامين حضارية وفنية مختلفة ساعد على أن تصل الرسالة الثقافية إلى الشعبين الشقيقين، وفي هذا الإطار يتم سنوياً تنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية سواء على صعيد الفرق الفنية أو المشاركة في معارض الكتب، فضلاً عن تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين في المجال الثقافي.
كما كان للإعلام في البلدين دور أساسي في ترسيخ وتقوية العلاقات ودعم مسيرة تطورها ومساندة كافة القضايا المتعددة للبلدين ورسم صورة ذهنية حضارية للمنجز التنموي والثقافي للدولتين، وبناء صرح من الوجدان الجماعي الذي بات يربط الشعبين الشقيقين بصورة قلما نجد لها مثيلاً.
تتلاقى الرؤى والتطلعات البحرينية المصرية في كثير من المجالات والمواقف المختلفة، ليُكتب في صدر التاريخ بماء من ذهب أن هذه العلاقة المميزة التي تجمع مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية الشقيقة وجدت لتتجذر وتتعمق يومًا بعد يوم في قلوب قيادتي الشعبين الشقيقين وهذا الجانب يمثل موضع فخر واعتزاز وهو ما عبر عنه جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه خلال إحدى كلمات جلالته :”… ويكفينا فخرًا بأن يكون بلدينا مهدًا لحضارتين عريقتين نجحتا في تشكيل وتقديم نموذج متميز في الاعتدال والانفتاح والتحضر للعالم أجمع، وسيبقى لمصر وأهلها مكانة عظيمة في عقولنا وقلوبنا فهي أرض الكنانة والسلام والأمان”.